المهديّون الاثنا عشر بعد الأئمّة الاثني عشر
آية الله الشيخ محمد السند
المقدّمة:
قد وردت الإشارة في عدَّة من الروايات إلى رجعة الأئمّة الاثني عشر بلسان غير عنوان الرجعة وغير لفظة الكرَّة والأوبة وغير بقيّة عناوين وأسماء الرجعة.
وهذه الإشارة بعنوان المهديين الاثني عشر بعد الأئمّة الاثني عشر، ويراد من عدَّة الاثني عشر من المهديين هم نفس الأئمّة الاثنا عشر بلحاظ رجوعهم وكرَّتهم بعد الموت إلى الدنيا لإقامة دولة محمّد وآل محمّد.
وإنَّما اعتمد أهل البيت عليهم السلام هذا العنوان لعدَّة حِكَم ومغازي:
منها: اعتماد التعبير الكنائي عن الرجعة حيث إنَّ عقيدة الرجعة تعني مشروع إقامة الدولة لدى أهل البيت عليهم السلام وإبراز هذا المشروع بمكان من الخطورة السياسية والأمنية وليس هو عقيدة تجريدية بحتة.
ومنها: أنَّه إشارة إلى أنَّ هذا المقام من المقامات التي يصل إليها أئمّة أهل البيت، وهم موعودون بها من قبل الله تعالى.
في حين أنَّ هذه العقيدة والمعرفة بالرجعة بهذا الشكل قد التَبس على جماعة لتقمّص أدعياء أرادوا بالمؤمنين ضلالاً عن صراط الحقّ وعن التمسّك بأئمّة الاثني عشر لأهل البيت عليهم السلام إلى أنداد وشركاء يُشركون بهم في الولاية الإلهية ليزيلوا الحقّ عن مقرّه ويصرفوا الناس عن الأئمّة الاثني عشر التباساً عليهم باسم الاتّصال بالإمام المهدي عليه السلام الإمام الثاني عشر، بل ربَّما تمادى الغبيُّ عندهم إلى تهميش الإمام الثاني عشر ودفعه عن مقامه الذي رتَّبه الله فيها، وأنَّه ليس هو المهدي وليس هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، تمنّيهم أنفسهم وشياطينهم إلى طاعة الشيطان والأبالسة مع استخدام للسحر والشعبذة ليغووا ضعفة العقول والقلوب ومرضى النفوس، الذين لم يتفقَّهوا في الدين ولم يلجؤوا إلى علم وركن ركين.
روى الشيخ الطوسي في الغيبة، وكذا في مختصر بصائر الدرجات عن جماعة، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمّد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصري، عن عمّه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيّد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة، فأملى رسول الله صلى الله عليه وآله وصيَّته حتَّى انتهى إلى هذا الموضع. فقال: يا علي إنَّه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً، ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أوَّل الاثني عشر إماماً، سمّاك الله تعالى في سمائه: علياً المرتضى، وأمير المؤمنين، والصدّيق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي، فلا تصحُّ هذه الأسماء لأحد غيرك. يا علي، أنت وصيّي على أهل بيتي حيّهم وميّتهم، وعلى نسائي فمن ثبَّتها لقيتني غداً، ومن طلَّقتها فأنا بريء منها، لم ترَني ولم أرَها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمّتي من بعدي. فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البرّ الوصول. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيّد العابدين ذي الثفنات علي. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد الباقر. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد الثقة التقي. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل. فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمّد المستحفظ من آل محمّد عليهم السلام فذلك اثنا عشر إماماً. ثمّ يكون من بعده اثنا عشر مهدياً فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أوَّل المقرَّبين([1])، له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي، واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي وهو أوَّل المؤمنين»([2]).
للمزيد من مواضيعي